مميزات مدينة فجيج:


فجيج: أصل التسمية:

تساؤلات كثيرة تطرح باستمرار حول معنى هذا الاسم: فجيج؟ وهل الكلمة عربية أم أمازيغية؟ وما هو النطق السليم؟ 
اعتمادا على النصوص التي تضمنتها المصنفات والإشارات التاريخية، فالرسم الحرفي للإسم ظهر بعدة صيغ وهي : فجيج وفكيك وحتى فقيق، بالإضافة إلى النطق المحلي الامازيغي والمتداول بين السكان بقوة، ولكنه لم يرد في النصوص  والكتابات التاريخية والأدبية وهو لفظ "إيفيي". ويبقى الإسم المناسب والمتداول هو فجيج، والذي يحمل الدلالة الجغرافية للفجاج، والأفاجيج les cluses والانفراجات التي تخترق الواحة في كل الجهات  مثل فج الملياس.

إقرأ المزيد هنا

فجيج: تاريخ عميق: 

تعتبر مدينة فجيج من بين المناطق الواحية التي عرفت الاستقرار منذ ما قبل الميلاد, ومن بين آثار هذه الحقبة انتشار  الكراكير LES TUMULES والنقوش الصخرية في عدة مناطق (بضواحي جبل كروز وجبل المعيز والحيثما  والدويسا ولخناك بزناكة وزوزفانة ...). وهذه النقوش هي عبارة عن رسوم تجسد الحيوانات التي كانت تعيش بالمنطقة، وبعض الكتابات والرموز التي تحيل على بعض الدلالات والمعتقدات الدينية، بنوع من الجمالية والدقة في التصوير والطرافة في المعنى. وقد تم تسجيل مثل هذه الظاهرة (ظاهرة النقوش) في عدة مناطق بشمال إفريقيا خاصة بهوامش الأطلس الصحراوي بوادي كير ودرعة و زوزفانة ومنطقة فجيج. 
وترجع بعض المصادر التاريخية, السكان الأوائل الذين عمروا منطقة فجيج إلى قبائل أمازيغ زناتة وصنهاجة، ومنها صاحب كتاب  "الاستبصار في عجائب الأمصار" الذي عاش في أواخر القرن السادس الهجري 12م في معرض حديثه عن فجيج، إذ يقول: "وبقرب تلك البلاد أرض فجيج, وهي بلاد خصبة وفيها نخل كثير ويسكنها أمم كثيرة شتى".  
أما ابن خلدون فقد أشار في كتاب العبر إلى المناطق التي كانت تشكل مجالا لبعض بطون صنهاجة وزناتة من بني واسين ومنهم بنو بادين وبنو مرين، بالقول: "في قبلة تلمسان, بلد فكيك قصور متعددة ذات نخل وانهار". وفي مكان آخر يذكر: "ومن قبائل مطغرة أيضا بصحراء المغرب أمم كثيرون نزلوا بقصورها, واغترسوا شجر النخل على طريقة العرب, فمنهم بتوات قبلة سجلماسة... ومنهم في فكيك قبلة تلمسان على ست مراحل منها, وهي قصور متقاربة بعضها من بعض, ائتلف منها  مصر كبير مستبحر بالعمران البدوي, معدود في آحاد الأمصار بالصحراء, ضاح من ظل الملك والدول لبعده في القفر ورياسته في بيت بني سيد الملك منهم". أما ابو القاسم الزياني, فيقول في ترجمانته: "ويقابل تلمسان خلف جبل درن, إقليم فقيق, فيه قصور وقرى كثيرة وعمائر معتبرة ونخيل وبساتين ومزارع ومياه جارية وأمم لا تحصى".
ومن بين القبائل والهجرات التي كان لها تأثير قوي في تاريخ المنطقة, وصول عنصر الشرفاء الأدارسة في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) ويعرفون بالوداغير، نزحوا إلى المنطقة بقيادة عيسى بن عبد الرحمان الشريف الإدريسي قادمين إليها من  فاس, فاستقروا على منابع العيون ومجاري المياه وشيدوا القصور والمداشر، واهتموا بالزراعة ونشر الثقافة وتأسيس زوايا العلم والصلاح.
مع نهاية القرن السادس الهجري وبداية القرن السابع الهجري/12م و13 م بدت القبائل العربية الهلالية من بني عامر تنتشر في المنطقة, فظهرت عدة قصور ومداشر في الدفيلية والاعوج  والنخيلة, وفندي وبويعلا, ووادي الحلوف. وفي عهد الخليفة السعيد بن المامون الموحدي (640 هـ- 646 هـ) حل بفجيج عرب بنو جابر قادمين إليها من تادلة، لتمثيل السلطة المخزنية، واتخذوا قصرهم عند منابع عين تزادرت "اغرم انتيط" قصر العين. 
في القرن الثامن الهجري /14م نزل الوالي الصالح سيدي احمد بن موسى البرزوزي بفجيج ووضع النواة الاولى لزاويته بقصر المعيز, وتعرف في بعض النصوص التاريخية بالزاوية العلمية, أو "دار العدة", وكانت لها شهرة واسعة وكانت من بين المنارات الشامخة في المجال العلمي والفكري. قصدها العديد من الرحالة العلماء والطلاب وكانت لها علاقات متينة مع مختلف المراكز العلمية.
 ومن بين الزوايا التي كان لها حضور وازن ونفوذ قوي بالمنطقة نذكر الزاوية الونشريسية والزاوية السماحية والزاوية السكونية وزاوية آل سيدي عبدالوافي. وستظهر بالواحة كذلك عدة فروع لطرق صوفية كانت منتشرة في المغرب مثل: الزاوية الدرقاوية والقادرية والزيانية والتيجانية والناصرية والوزانية والجزولية.

قصور فجيج:

      تتكون مدينة فجيج من 7 قصور تضم 3048 كانون، وهي قصر المعيز وقصر زناقة وقصر الوداغير وقصر أولاد سليمان وقصر الحمام التحتاني وقصر العبيدات وقصر الحمام الفوقاني. ويعتبر قصر زناقة أكبر القصور من ناحية عدد الكوانين وعدد السكان.

الموقع الجغرافي: 

تقع جماعة فجيج في إقليم فجيج بجهة الشرق، وتحدها من الشرق والشمال والجنوب الحدود الجزائرية، ومن الغرب جماعة عبو لكحل، وتبعد عن بوعرفة (مركز الإقليم) بنحو 109 كلم، وعن وجدة (مركزالجهة) بنحو 368 كلم، وعن مدينة الرشيدية بـ 360 كلم، وهو ما يبرز وبشكل جلي العزلة التي تعاني منها الجماعة.
إقليم فجيج هو إقليم بجهة الشرق في المغرب، وهو يضم 325 138 نسمة، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014.
لقد تم إدراج واحة فجيج سنة 2022 كتراث زراعي ذات أهمية عالمية والمعروف اختصار بـ SIPAM  (Systèmes ingénieux du patrimoine agricole mondial) والتابع لمنظمة الأغذية والزراعة، ويضم هذا  البرنامج حوالي 70 موقعا لنظم التراث الزراعي في 22 بلدا.

المعطيات الديموغرافية:

     يبلغ عدد سكان فجيج (حسب الإحصاء الوطني للسكان والسكنى برسم سنة 2014) حوالي 10872 نسمة، وتجدر الإشارة إلى أن الفئة العمرية النشيطة هي الأكبر نسبة على صعيد الجماعة وهي الشريحة العمرية ( 19-45 ) سنة وتبلغ  43.54  %. كما يلاحظ أن الجنسين متقاربين في العدد. نسبة الإناث تمثل حوالي 53.64% والرجال حوالي 46.36%.

جدول رقم 1: توزيع ساكنة فجيج  حسب الجنس والفئات العمرية:

السن 4-5 11-6 18-12 45-19 60-46 أكبر من 60  أصغر من 3 المجموع
إناث 132 418 562 2509 1361 1041 241 6264
ذكور 140 440 611 2797 4588 815 236 6627
المجموع 272 858 1173 5306 2949 1856 477 12891

المصدر: الاحصاء الميداني الذي قامت به جماعة فجيج سنة 2010 من أجل انجاز المخطط الجماعي للتنمية للمرحلة  2010-2015

الإمكان الطبيعي: 
ينتمي مناخ فجيج إلى الصنف الصحراوي مع شتاء معتدل، فموقعها وبعدها عن البحر بحوالي 400 كلم جنوبا زاد من أثر القارية ونشاط التأثيرات الصحراوية. وتتركز التساقطات معظمها في الشتاء والخريف، بينما يعرف الصيف أدنى التساقطات، ويسجل أقصى درجات التبخر بالمقارنة مع كميات الأمطار المتساقطة. وتعرف تساقطات هذه المنطقة توزيعا غير منتظم في الزمان والمكان، فهي تتركز في بضع ساعات أو بضع دقائق وفي غالب الأحيان، الشيء الذي يحدث أضرارا كبيرة.
المناخ: يتميز مناخ الواحة بكونه مناخ صحراوي يعرف ارتفاعا لدرجة الحرارة في فصل الصيف بحيث تتعدى متوسطات الحرارة العليا لكل من شهر يوليوز وغشت 40 درجة مئوية، بينما يبقى الشتاء نسبيا معتدل بحيث ينحصر متوسط الحرارة الدنيا لأبرد الشهور بين 1 و5 درجة مئوية. هذه الظروف المناخية لها وقع كبير جدا على الأنشطة البشرية وفي مقدمتها النشاط الفلاحي الذي سيكون مرهونا بمدى إمكانية السقي والظروف الترابية التي يقوم عليها الإنتاج النباتي.
التضاريس: على المستوى الميكرو جغرافي فإن واحة فجيج تقع وسط ارتفاعات ما بين 850 إلى 900 م وسط حوض تقدر مساحته بـ 50 كلم مربع، يضم مستويين مختلفين من حيث الارتفاع. ويقع الجزء العلوي شمال الحوض، مشكلا هضبة ذات ارتفاع 900م، وفي الجنوب يمتد سهل بغداد بارتفاع يقدر بحوالي 850 م، يفصل هذين الجزأين جرف اتجاهه العام شرقي غربي، مع تموج في الوسط على شكل نصف دائرة، وبارتفاع متوسط قدره 25 إلى 30م، يتقدم للجرف في الوسط نحو سهل بغداد بمسافة 500 م وتحيط بواحة فجيج مجموعة من الجبال. ونظرا لتعدد الوحدات الطبوغرافية المكونة لمجال فجيج فيمكن تقسيمها إلى 3 وحدات، وهي الجبال والهضبة والسهل.

  •    أولا: الجبال: تتكون أساسا من الجبال المحيطة بالواحة من كل الجهات، وتشكل أضلاع مثلث قاعدته متجهة نحو الشرق والشمال الشرقي، طولها 6 كلم بينما تتجه الزاوية المقابلة مع الضلع نحو الغرب والجنوب الغربي مشكلا في ذلك حوضا ذا مساحة تقدر ب 36 كلم2 تختلف هذه التضاريس الجبلية في أحجامها والتقطع الذي يميز بعضها.

تنتصب الجبال في الشمال على شكل كتلي وغالبية اتجاهها من الغرب نحو الشرق تحد واحة فجيج من الشمال الغربي جبل كروز (1192م) وتنتهي هذه السلسلة شرقا بجبل الحيمر (1168م) وفي الشمال الشرقي جبل العرجة (1050م) وزريكة سيدي عبد القادر (1000م)، جنوب الواحة تمتد جبال أقل ارتفاعا ذات اتجاه غربي شرقي يصل ارتفاعها حوالي 1000م وهي من الغرب إلى الشرق: الملياس 1128م – زناكة 1051م  تاغلة 1117م – سيدي يوسف 1065م – جبل جرمان 1047م. تفصل هذه الجبال ممرات كثيرة تسمى الفجاج أو ثنايا ( ثنية اليهودية – ثنية البيضاء – الثنية الزرقاء،  ثنية المجاهدين وفج تاغلة).

  •  ثانيا: الهضبة: تحتل هذه الوحدة الجزء الشمالي من الواحة وتتركز بها تقريبا كل العيون المائية كما تعرف تركزا لستة قصور وتطل عل السهل بواسطة جرف . 
  • ثالثا: السهل: يعرف السهل ضعفا في امتداد مساحته بحيث ينحصر فقط مابين الجرف والجبال الجنوبية ويتركز به أكبر قصور الواحة.

ويمكن أن نلاحظ بأن تضاريس الجماعة تشكل عائقا طبيعيا في النهوض بالمنطقة بوتيرة أفضل، ولنا أن نضيف أيضا إلى ذلك عدة عوائق ومخاطر ناتجة بشكل مباشر أو غير مباشر عن طبيعة التضاريس والمناخ، والتي يمكن استجماعها في الجفاف وخطر الفيضانات الناتجة عن مجموعة  من الشعاب والأودية القادمة  من جهة الشمال الغربي للمنطقة، وتحديدا  من  جبال الملياس والحيمر، بعد تجاوز المياه  لهذه الجبال تجد أمامها سهلا منبسط، فتنتشر فيه  سالكة الشعاب و المسالك المتواجدة وسط المدينة.
فهناك مجموعة من التهديدات والمخاطر الناجمة عن هذا الوضع الجغرافي، والتي تتحدد أيضا في التصحر وزحف الرمال، والتغير الهام لدرجات الحرارة، ومشكل ملوحة المياه، وهجوم الجراد والخنزير البري، فضلا عن مشكل الأفاعي والعقارب والحشرات الطائرة مثل البعوض والذباب، وكذا مرض "البيوض" الذي يهدد النخيل. 
الموارد المائية: رغم الظروف المناخية الصعبة التي تتميز بالقساوة والشح المائي, فإن المنطقة تتوفر على موارد مائية  مهمة يمكن تقسيمها الى مصدرين أساسيين جوفية و سطحية: 

  •  أولا: المياه السطحية: وتتكون من مجموعة من الوديان  أهمها وادي زوزفانة الذي يستمد مصادره من منابع مختلفة، ويحتضن تيارا مائيا  جوفيا جعل منه واديا شبه دائم الجريان وأهله لأن ينجز على أحد روافده سد الصفيصيف و الذي بدأت الأشغال به منذ سنة 2010 تلتها أشغال مد قنوات الري نحو الواحة القديمة و مناطق الامتداد الفلاحي  للواحة حيث انتهت أشغالها مع مطلع سنة 2014. 
  • ثانيا: المياه الجوفية: وهي النابعة من الفرشة الباطنية التي تشكل مصدر مياه العيون, تستغل مياهها بواسطة تقنية الخطارات, تشكل ما يشبه الآبار, تسمى محليا "افلان", وتجر المياه داخل شبكة من القنوات الباطنية كالأروقة يطلق عليها محليا "تسفلين" وعند ما تستوي مع سطح الأرض تتفرع إلى سواقي رئيسية وثانوية لسقي الحقول أو تجميع المياه في الصهاريج وأهم هذه العيون و أوفرها ماء عين تزادرت والبحبوحة ومغني وتيجنت وتجمالت ...وكلها تمتد على الخط الذي تستقر فيه القصور.
  • ثالثا: مياه الضخ: مع بداية الخمسينيات ظهر قطاع مسقي جديد، اعتمد بالأساس على استغلال الفرشة القريبة من السطح بواسطة الضخ الآلي، وستشهد هذه الظاهرة استفحالا كبيرا في السنوات الأخيرة بسبب الجفاف والنقص الحاد في الماء مما سيعرض الفرشة المائية للنضوب.

 والتي تتمثل في الأودية التي تتميز في الغالب، بكونها غير دائمة الجريان، ويتعلق الأمر بوادي زوزفانة، واد لخناك، وادي الكبير، وادي بوشليقن، وادي تيفوناسين، وادي السدرة، وادي تلات، وادي شبلاشي.
       ونظرا للأهمية الاستراتيجية لهذه المادة الحيوية، فان عملية توزيع المياه بالواحة القديمة بواسطة العيون.
تتوفر فجيج على مجموعة من العيون وهي: عين وركية، عين بني يكريمن، عين علي بن اعمر، عين تجنت، عين افلي الجديد، بقصر المعيز. وعين اولاد ميمون، وعين الخيل، وعين اولاد دحمان، وعين شبلاشي، وعين لحمام، وعين القايد، وعين الدار، وعين تجنت بقصر العبيدات. و عين مغني لودارنة، وعين مغني تانوت، بقصر أولاد سليمان. وعين تغزرت، وعين البحبوحة، عين بومسلوت، بقصر الوداغير. وعين تزادرت، وعين مغني تانوت، وعين اوسيمان، عين اولاد عثمان، وعين اولاد زكون، بقصر زناقة. وعين افلان (كاكا)، وعين تفراوت، وعين تجمالت، بقصر الحمام الفوقاني. و عين افلي الجديد وعين تجمالت، وعين افلي اوراغ، بقصر الحمام التحتاني. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من العيون قد جفت، وذلك بسبب توالي سنوات الجفاف وتفاقم الهدر المائي.
      يخضع لتنظيم محكم تؤطره مجموعة من الأدوات والتقنيات، ويشرف عليها جهاز مختص يتولى تتبع ومراقبة الدورة المائية بشكل عام. هذا النظام المحكم ساعد على الاستقرار والتعايش والحفاظ على النمط الواحي لمدينة فجيج لقرون طويلة، وهذا ما تسعى الجهات المختصة لبلوغه في تسيير مياه سد الصفيصيف. وفي هذا الصدد فإن المنطقة تعززت بإنجاز سدين مهمين وهما: سد الصفيصيف وسد الركيزة.  والتي يبلغ حوضها المائي 664 كلم مربع، فيما السعة الإجمالية للسد هي 20 مليون متر مكعب، ومتوسط الموارد المائية السنوية هو 8 مليون متر مكعب.